فائدة في جواز أخذ ما تركه المشركون من النذور:
قال الشيخ حامد الفقي:{وكذلك ما سمي من الطعام أو الشراب أو غيره نذرا وقربة لغير الله,فكل طعام يصنع ليوزع على العاكفين عند هذه القبور والطواغيت باسمها وعلى بركتها هو مما أهل به لغير الله}.فعلق عليه ابن باز رحمه الله قائلا:أقول:هذا المقام فيه تفصيل فإن كان المراد من ذلك من أن هذا الشركُ, لكونه عبادة لغير الله وتقربا إليه فهذا صحيح,لأنه لا يجوز لأحد أن يعبد غير الله بشيء من العبادات لا نبيا ولا غيره,ولا ريب أن تقديم الطعام والشراب والنقود وغير ذلك للأموات من الأنبياء والأولياء أو غيرهم أو للأصنام ونحوها رغبة ورهبة,داخل في عبادة غير الله لأن العبادة لله هي ما أمر الله به ورسوله,أما إن كان مراد الشيخ حامد أن النقود والطعام والشراب والحيوانات الحية التي قدمها ملاكها للأنبياء والأولياء وغيرهم يحرم أخذها و الإنتفاع بها فذلك غير صحيح لأنها أموال ينتفع بها قد رغب عنها أهلها وليست في حكم الميتة فوجب أن تكون مباحة لمن أخذها,كسائر الأموال التي تركها أهلها لمن أرادها,كالذي يتركه الزراع وجذاذ النخل من السنابل والتمر للفقراء,ويدل على ذلك أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أخذ الأموال التي في خزائن اللات,وقضى منها دين عروة بن مسعود الثقفي,ولم ير تقديمها للات مانعا من أخذها عند القدرة عليها.ولكن يجب على من رأى من يفعل ذلك من الجهلة والمشركين أن ينكر عليه ويبين له أن ذلك من الشرك حتى لا يظن أن سكوته على الإنكار أو أخذه لها إن أخذ منها شيئا دليل على جوازها وإباحة التقرب بها إلى غير الله سبحانه,ولأن الشرك أعظم المنكرات فوجب إنكاره على من فعله لكن إذا كان الطعام مصنوعا من لحوم ذبائح المشركين أو شحمها أو مرقها فإنه حرام,لأن ذبيحتهم في حكم الميتة فتحرم وينجس بها ما خالطته من الطعام,بخلاف الخبز ونحوه ما لم يخالطه شيء من ذبائح المشركين فإنه حل لمن أخذه,وهكذا النقود ونحوها كما تقدم والله أعلم.فتح المجيد شرح كتاب التوحيد بتحقيق حامد الفقي راجع حواشيه وصححه وعلق عليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز[ص 120]ط مكتبة التراث الإسلامي.
هذا ما يسر الله جمعه في هذه الحلقة,ولعلنا نتبعه بحلقة أخرى إن يسر الله عزوجل.
و الحمد لله رب العالمين,و صلى الله و سلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وكتبه أبو العباس محمد رحيل,على مجالس آخرها عصر 24/رجب/1432هـ
بوادي التاغية-حرسها الله وسائر بلدان المسلمين-.