الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ما هي الصيغة التي ألقاها النبي لإلقاء السلام ورده؟ :
حق المسلم على المسلم، ومن حق المسلم على المسلم السلام، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه عمران بن حصين :
قال عمران بن حصين: جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: السلام عليكم, فرد صلى الله عليه وسلم السلام ثم جلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عشرٌ, ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله, فرد عليه الصلاة والسلام السلام, وجلس, وقال النبي الكريم: عشرون, وجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد وجلس وقال عليه الصلاة والسلام: ثلاثون.
فهم من ذلك: أن السلام التام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا السلام ينال ثلاثة أمثال السلام الأول، هذه صيغةٌ من صيغ السلام.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
((قال رسول الله -صلى الله عليها وسلم- لها: هذا جبريل يقرأ عليكِ السلام, قالت عائشة: وعليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته))
كلمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ورد السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته, هذه هي الصيغة التي اختارها النبي -صلى الله عليه وسلم- لإلقاء السلام ورد السلام.
مما يكره استعماله :
الصيغ الأخرى التي تعرفونها: أنعِم صباحاً، أنعِم مساءً، عِم صباحاً، عِم مساءً، أسعد الله أوقاتكم، أسعد الله صباحك، أسعد الله مساءك، هذه الصيغ التي يستعملها الناس, الأولى منها أن نستعمل تحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, لأن السلام اسمٌ من أسماء الله عزَّ وجل. وهناك تحيات يستخدمها المتفرنجون، كلكم يعرفها، هذه التحيَّات مكروه استعمالها, لأن فيها تقليداً للكفار، واعتزازاً بهم، واشتياقاً إلى أن يكون المُسَلِّمُ مثلهم، التحيَّات التي يستخدمها الأجانب، والتي أصبحت إلى حدٍ ما معرَّبة، هذه التحيات يظنها بعض الناس دليل رقيٍ وحضارةٍ, هذه في نظر الإسلام إلغاء ورد لتحية الإسلام، واستبدال الذي أدنى بالذي هو خير ، وإن طرح السلام بصيغة سلام الأجانب, نوعٌ من أنواع التشبُّه بهم والاعتزاز بهم, فلنحذر منذ اليوم ألا نطرح سلامهم ولا نرد التحية بمثل ردّهم.
ما حكم إلقاء السلام وما حكم رده في الشرع الإسلامي؟ :
الله سبحانه وتعالى يقول :
﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾
[سورة النساء الآية: 86]
بعضهم يقول: طرح السلام سُنَّة، لكن رد السلام واجب؛ أي إذا قال لك أحدهم: السلام عليكم, فهذا قد طبق السنة، أما أنت إذا ألقي عليك السلام فردّك على هذا السلام واجبٌ, والواجب -كما تعلمون- قريبٌ من الفرض، بل هو عند بعض الأئمة هو الفرض نفسه.
ليس هناك فرقٌ بين أن يكون هذا الذي سلَّمت عليه مسلماً أو غير مسلم، لأن الآية عامَّة ، ولا شيء يخصصها إلا بعض الأحاديث التي ترد بعد قليل.
ما حكم السلام في السوق, وما الحكم الذي يمكن أن نستخلصه من السلام؟ :
قيل: إذا مشى المسلم في السوق أو في الشوارع المطروقة ونحو ذلك مما يكثر فيه المتلاقون، فإن السلام يكون في هذه الحالة لبعض الناس دون بعض، لمن تعرف, دخلت إلى محل تجاري: السلام عليكم, دخلت إلى المسجد، دخل معك شخص، حازاك في الدخول, قل: السلام عليكم, أما في الأسواق المزدحمة: ليس من المعقول أن تطرح السلام على كل الناس .
على كلٍ؛ من حِكَمِ السلام أنه به تستكسب الود وتستدفع المكروه، قد يلقاك شخص شرير، فإذا سلمت عليه انطفأت شرته، فالسلام أحياناً تستجلب به المودة أو تستدفع به المكروه ، فإذا كان شخص يخشى شره وسلَّمت عليه وكنت معه لطيفاً، ربما صرف النظر عن إيذائك, هذا من حكمة السلام.
إليكم هذه الأحوال التي يكره فيها طرح السلام:
فالإنسان إذا كان يبول في سفر مضطراً، لا يجوز أن تطرح عليه السلام، أو إذا كان يصلي، أو إذا كان يؤذِّن، أو إذا كان يقيم الصلاة، أو إذا كان في الحمام -أي يغتسل-, فطرح السلام على هذا الإنسان لا يجوز، أو إذا كان في فمه لقمة، أو وهو يأكل, وهو يبتلع الطعام، فإذا طرحت عليه السلام فأجابك، فإنه يتضايق ويشعر بحرج بين الرد وبلع الطعام.
أما السلام في حال خطبة الجمعة فمكروه، أي في أثناء خطبة الجمعة, وفي مجالس العلم السلام مكروه, لأنه كلما دخل إنسان, قال: السلام عليكم, فأجابوه: وعليكم السلام, تبلبل الدرس، وشردت أذهان الحاضرين, ففي خطبة, وفي مجلس العلم، لا يجوز أن تطرح السلام ، دخولك إلى المسجد هو السلاموكذلك لا يجوز أن تطرح السلام على من يقرأ القرآن، فالأولى ترك السلام عليه.
من آداب السلام :
أن يسلِّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير.
ومن آداب السلام أيضاً :