* "فوربس": مصر الـ10 عالميا ضمن أسوأ الدول لإقامة المشروعات و121 في أفضلية الدول للاستثمار
* ما يزيد عن 10 شركات عالمية كبرى أغلقت فروعها في مصر بعد الانقلاب
* إغلاق 855 مصنعا و3500 شركة صغيرة ومتوسطة عقب الانقلاب
تحاشى الإعلام المصري طيلة 11 شهرا الماضية الحديث عن هروب الاستثمارات الأجنبية منذ حدوث الانقلاب العسكري وبخاصة بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة؛ ليبعث للشعب المصري برسالة مفادها أن هناك تحسنا في الأوضاع الاقتصادية يوما بعد يوم.
انفضح زيف هذه الأكذوبة التي تم الترويج لها عندما كشف استطلاع مجلة "فوربس" الشرق الأوسط- الأكثر شهرة في العالم والمعنية في الدرجة الأولى بإحصاء الثروات ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم- أن مصر تحتل المركز العاشر عالميًا ضمن أسوأ الدول على مستوى العالم في مناخ إقامة المشروعات في عام 2014 والمركز 121 في أفضلية الدول للاستثمار.
كانت شركة (إف إم غلوبل) للتأمين والحماية من المخاطر قد أصدرت قائمة بأفضل وأسوأ الدول من حيث إقامة المشاريع، تم هذا التصنيف على أساس نقطة قوة الدول في9 مجالات وهي: نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والمخاطر السياسية بما فيها الإرهاب، وكثافة البترول واحتمالية تعرض الدولة لنقص في مخزون النفط، والتعرض للمخاطر الطبيعية، وجودة إدارة المخاطر الطبيعية ومدى استعداد الدولة للتعامل مع الكوارث مثل: الهزات الأرضية أو الفيضانات، وكذلك قدرة الدولة على التعامل مع الحرائق، والسيطرة على الفساد، وجودة البنية التحتية، وجودة الموارد المحلية.
وفي الوقت الذي وصلت فيه الاستثمارات الأجنبية قبل الانقلاب إلى مائة مليار دولار وارتفعت الاستثمارات المحلية إلى 181.9 مليار جنيه مقابل 17 مليار جنيه في العام السابق له "حكومة الجنزوري" إذا بالاستثمارات تتوقف بعد الانقلاب وإذا بالشركات تغلق أبوابها، فلقد انسحبت معظم الاستثمارات الأجنبية من مصر كما توقفت أغلب المصانع الحكومية عن العمل.
هروب الشركات العالمية الكبرى
بعد حدوث الانقلاب العسكري قامت ما يزيد عن 10 شركات عالمية بإغلاق فروعها في مصر وهروبها إلى الخارج بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وكانت بداية الشركات الراحلة عن مصر هي شركة "توماس كوك" الألمانية للسياحة والسفر -والتي تعد واحدة من أكبر الشركات السياحية التي كانت تعمل في مصر- اتخذت قرارها بوقف النشاط والرحلات، وأعلنت الشركة عن بيع 100% من أسهمها في مصر ولبنان إلى مجموعة "يوسف بن أحمد كانو" البحرينية، وتبعتها شركة (TUI) الألمانية للسياحة.
واقرأ أيضًا:
خبير اقتصادي: مصر من أسوأ 25 دولة في الاستثمار.. نتاج طبيعي للانقلاب
وفي شهر أغسطس الماضي أغلقت أيضا شركة "رويال داتش شل" النفطية أبوابها حرصا على سلامة عمالها، بدعوى "مراقبة الوضع"، ولا تزال تراقب إلى الآن، بالإضافة إلى شركة "باسف" الألمانية العملاقة للكيماويات، التي أغلقت بسبب "العنف الذي يعصف بالبلاد"، وأخيرًا أنهت شركة "يلدز" التركية للصناعات الغذائية باستثماراتها العملاقة في مصر تعاملاتها بسبب انخفاض مبيعاتها.
كما قررت مصانع 3 شركات عالمية للسيارات هي "جنرال موتورز" و"تويوتا "و"سوزوكي" التوقف عن تجميع هياكلها في مصر حرصا على أرواح العاملين.
لم تكن هذه الشركات هي الأولي التي قررت الرحيل عن مصر، فقد سبقتها بعض الشركات العالمية الكبري مثل "أديداس" Adidas و"بوما" Puma اللذين أقفلا ورحلا وخلّفا وراءهما 12 ألف موظف انضموا لتعداد العاطلين عن العمل.
بالإضافة إلى سبعة آلاف آخرين تم تسريحهم من مصانع "إلكترولوكس" السويدية للأجهزة المنزلية والتي كانت توظف نحو 6750 عاملا في مصانعها بمجمعين حول القاهرة، وبلغ حجم إيرادات الشركة في مصر العام الماضي 308 ملايين دولار.
واقرأ أيضًا:
أستاذ اقتصاد: التعويل على استثمارات الخليج لن يجدي نفعا مع الانقلاب
وفي فبراير الماضي أعلنت شركة "ماكرو ماركت مصر"، التابعة لمجموعة "مترو كاش آند كاري"العالمية المتخصصة في متاجر التجزئة، تصفية أعمالها في مصر وبيع أصولها لمستثمرين سعوديين.
وأيضا قرر الملياردير المصري ناصف ساويرس مؤسس شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، إحدى كبرى شركات التشييد والأسمدة في العالم، إنهاء الوجود القانوني لشركته "أوراسكوم" في مصر في يناير الماضي. جاءت تلك الخطوة متوازيةً مع نقل عائلة "ساويرس" معظم استثماراتها خارج مصر إما ببيعها إلى شركات أخرى أو الاستحواذ عليها بواسطة شركات تابعة لها في دول أجنبية، مثلما حدث مع شركة أوراسكوم التي استحوذت عليها شركة هولندية أنشأها ساويرس نفسه.
ومن قبلها قررت شركة "ياهو" التي تقدم خدمات إنترنت عدّة أبرزها البريد الإلكتروني ومحرك البحث غلق مكتبها في مصر بنهاية عام 2013 في إطار خطة لتركيز فروعها في أماكن أقل. بدأ مكتب "ياهو" في مصر بحوالي 200 موظف منذ عامين تقريبًا، وتقلص العدد وقت إصدار قرار غلق المكتب إلى 120 موظفًا، تم تسريح أغلبهم ونقل بعضهم إلى فرعي الشركة في دبي وعمان.
إغلاق 855 مصنعا
إلى جانب توقف نشاط الشركات العالمية توقف شركات محلية كبرى وتم تسريح عدد كبير من العاملين بها، حيث بلغ عدد المصانع التي أغلقت بعد الانقلاب حوالي 855 مصنعًا وذلك وفقًا للخطابات المقدمة من أصحاب تلك المصانع لمركز تحديث الصناعات، و3500 شركة صغيرة ومتوسطة بحسب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
كما توقفت العديد من المصانع عن التشغيل وقامت بتسريح العمالة بها واضطرت في المقابل مصانع أخرى إلى تقليل عدد الورديات وتسريح عدد كبير من العمالة لعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات المطلوبة منها، لينضم إلى طابور العاطلين نحو 33 ألف مواطن.
جذب الاستثمارات
وفي المقابل نجد أن الرئيس محمد مرسي طيلة فترة حكمه كان يسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للارتقاء بالاقتصاد المصري لوحظ ذلك من خلال زياراته الخارجية للعديد من الدول والتي كان من المنتظر أن تؤتي ثمارها الطيبة وتلقي بظلالها على الاقتصاد المصري لولا حدوث الانقلاب العسكري، إذ قام بزيارة البرازيل في مايو 2013 لجذب المستثمرين لامتلاكها اقتصادا قويا متناميا بشكل كبير يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في الأمريكتين وسادس اقتصاد على مستوى العالم بناتج قومي ضخم واحتياطي نقدي يبلغ 371 مليار دولار.
وخلال هذه الزيارة قام الرئيس بالتوقيع على 5 مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الزراعة والأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والصحة والتنمية الاجتماعية والبيئة، وتم الاتفاق على التعاون في مجال التصنيع العسكري، وتجميع وصناعة الطائرات والسيارات، والاتفاق على التعاون في مجال النقل للتخلص في التكدس المروري، وكذا تم الاتفاق على تكثيف الزيارات الفنية لبحث سبل الاستفادة العملية، وترجمته إلى آليات عمل وخطوت ملموسة بما يسهم في تعزيز حركة التجارة وجذب الاستثمارات لمصر.
وإبان زيارة مصر للبرازيل أعد مكتب التمثيل التجاري المصري بالعاصمة البرازيلية، "برازيليا"، تقريرا يتعلق بتنشيط التبادل التجاري وجذب الاستثمارات البرازيلية إلى مصر في القطاعات الاقتصادية المختلفة. أتت هذه الزيارة بأكلها حينما أعقبها إعلان مجموعة "كامرجو كوريا" وهي إحدى المجموعات الاقتصادية العملاقة بالبرازيل عن ضخ أكثر من 1.9 مليار جنيه كاستثمارات جديدة لتنفيذ حزمة من خطط التوسع المستقبلية في السوق المصرية، وهو ما يعني أنه كان يمكن إتاحة المزيد من فرص العمل وتعميق الثقة بالاقتصاد المصري.
زيارة باكستان والهند
في مارس 2013 قام الرئيس محمد مرسي بأولى زياراته إلى باكستان والهند وأسهمت هذه الزيارة عن توقيع 5 مذكرات تفاهم للتعاون الثنائي بين البلدين، تركزت في المشروعات الصغيرة والمتوسطة المتعلقة بالخدمات البريدية والملاحة التجارية والإعلام، بالإضافة إلى البرنامج التنفيذي الثالث لاتفاق التعاون العلمي والتكنولوجي بين مصر وباكستان. وهو الأمر الذي من شأنه رفع حجم الاستثمارات الباكستانية التي تزايدت مؤخرا في مجال صناعة النسيج في المناطق الحرة، بغرض التصدير للسوق الأمريكية لتبلغ حوالي 40 مليون دولار؛ وهو ما انعكس على حجم التبادل التجاري الذي وصل عام 2012 لنحو 741 مليون دولار؛ حيث بلغ حجم الصادرات المصرية نحو 83 مليون دولار، والواردات نحو 658 مليون دولار.
أما زيارة الهند فقد أسفرت عن 7 اتفاقيات اقتصادية تحقق زيادة كبيرة في الاستثمارات المتوقعة؛ في مجالات الاتصالات والصناعات الصغيرة ورعاية التراث الأثري والحفاظ عليه، وكذلك في مجال الطاقة ومجال الفضاء والأقمار الصناعية، وشملت الاتفاقيات خمس مذكرات تفاهم وخطابي نوايا. وتعد الهند سابع أكبر شريك تجاري لمصر، كما تعد ثاني أكبر وجهة للصادرات المصرية بعد إيطاليا، فيما تأتي الهند في المرتبة 11 على قائمة الأسواق التي تستورد منها مصر، وفي الوقت الراهن هناك 50 شركة هندية تعمل في مصر باستثمارات تبلغ نحو ملياري ونصف المليار دولار، يعمل بها 35 ألف عامل مصري.
زيارة روسيا
قام الرئيس محمد مرسي بزيارة روسيا في إبريل 2013 بهدف إحياء التعاون بين البلدين والذي كان مزدهرا خلال الحقبة السوفيتية، وبالفعل تم الاتفاق مع شركات روسية للمشاركة في مشاريع السكك الحديدية ومترو الأنفاق وبناء صوامع تخزين القمح وإحياء الصناعات الاستراتيجية التي لعب الاتحاد السوفيتي السابق دورًا رئيسيًا فيها مثل صناعة الصلب والألمونيوم والتوربينات والكهرباء، فضلا عن الاتفاق على جذب الاستثمارات الروسية إلى مصر في مجالات الطاقة ومجالات النقل والصناعات الهندسية وتعزيز التعاون في مجال الدفاع. تم الاتفاق مع الجانب الروسي خلال الزيارة على البدء في إجراء الدراسة الفنية خلال شهر على أقصى تقدير، للنظر في كيفية تطوير الأفران الأربعة الموجودة بمجمع الحديد والصلب, نحو رفع التقنية وجعل المنتج النهائي للمجمع على مستوى يرقي إلى التصدير الخارجي.