في إطار تعقيبه على تخفيض دعم تنمية الصعيد بالموازنة الجديدة من 600 مليون جنيه إلى 200 مليون جنيه أكد د. رضا حجاج –أستاذ تخطيط البيئة والبنية الأساسية بكلية التخطيط العمراني- أن ما تدعيه حكومة محلب من أن تقليص دعم الطاقة والمواد التموينية يستهدف توفير أموال لتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم الفقراء مجرد أضحوكة يضحكون بها على الناس، مدللا بأن رجل الأعمال حسين سالم لا يزال يقبض عمولته من شركة الغاز الذي ما زال يورد لإسرائيل والأردن ولم يلغ عقد شركة سالم للآن، بل تم تحصين هذا العقد وغيره بقرار بقانون لعدلي منصور، لتحصين عقود الاستثمار مع الحكومة وبأثر رجعي.. أي تحصن القضايا القائمة المنظورة أمام القضاء، ومنها عقد حسين سالم الخاص بالغاز، أيضا "الخرافي" لا يزال يقبض من "منجم السكري" وهذه الشركات تنهب ثروات البلاد وكان يمكن أن تدر أموالا طائلة لصالح عامة الناس وليس رجال أعمال فقط، وتغني عن رفع الأسعار بتقليص دعم الطاقة.
وحذر في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" من خطورة إلغاء الدعم بشكل عام وتعامل حكومة محلب مع مصر كأنها منطقة واحدة دون مراعاة للمناطق الفقيرة والأشد فقرا خاصة في صعيد مصر، لأن هذه الطريقة تساوي بين الأغنياء في القاهرة والإسكندرية والجونة.. والفقراء بمناطق مثل الفيوم وقنا وسوهاج، فهذا لا يجوز وسياسة تداعياتها الاجتماعية خطيرة، ومتصاعدة خاصة مع تقليص دعم تنمية الصعيد، كضربة مزدوجة حيث رفع دعم الطاقة والأسعار وبنفس الوقت قلص دعم تنمية الصعيد ومعلوم أنها الأشد احتياجا.
وكشف "حجاج" أن الأزمة أن الدولة تقدم خدمات متدنية جدا جدا بالصعيد والمناطق العشوائية والدعم الذي يصلها أصلا ضعيف في مقابل مناطق غنية بها ملاعب جولف وكل أشكال الرفاهية، ثم ترفع الدول الأسعار على الفقراء وحدهم.
موضحا بمثال أن الدراسة التفصيلية عن دعم المياه تقر بأن دعم المياه لبني سويف بـ90 قرشا يقابله دعم للإسكندرية بـ47 جنيها، فلو رفعت متوسط 10 جنيهات ليس فقط ألغي الدعم بل سأجعل مواطن بني سويف هو من يدفع دعم مواطن الإسكندرية، والمحصلة أن بني سويف حياتها صعبة والخدمة فيها سيئة ويدفع ثمنها بالغالي.
أيضا مثال آخر من يعيش بالإسكندرية نوعين نوع يعيش جنوب خط الترام وهي منطقة فقيرة وعشوائية يدعم بـ4 جنيهات في السنة للمياه، فيما بالساحل الشمالي تدعمه الدولة بـ43 جنيه في السنة للمياه.
ونبه "حجاج" إلى أن "حكومة محلب" زودت سعر الغاز الطبيعي لسيارات الأجرة وسبق أن كلفته الحكومة تكلفة بين 5-15 ألف جنيه لنقل سيارته لاستخدام الغاز الطبيعي، ثم رفعته من 40 قرشا إلى 110 قروش للمتر المكعب أي رفعته بنسبة 175% ولم يرفع سعر بنزين 95 للأغنياء إلا بمقدار 40% فقط ورفع الدعم عن الفقراء.
بينما هناك بدائل أخرى لجلب أموال فدعم الطاقة الذي توجهه مصر إلى إسرائيل والأردن يبلغ 29 مليار جنيه للغاز، مشيرا إلى أن هناك اتفاق مع مجموعة شركات تستخرج الغاز وتعطي مصر على كل وحدة دولار واحد، وما زاد عن حصتنا نشتريه بـ3 دولارات و60 سنتا، ونبيعه لإسرائيل والأردن بدولار و60 سنتا بعقد "حسين سالم"، والفرق الموجود هو 29 مليار جنيه تدعم به مصر إسرائيل والأردن.
مضيفا أيضا وحين نزود الدعم لكبار المنتجين عن طريق استيراد السولار الذي يستخدمه رجال الأعمال هذا يعني أننا ندعمهم بـ49 مليار جنيه. لافتا إلى أننا لدينا حصيلة هي 29 مليار جنيه + 49 مليار جنيه يساوي 78 مليار جنيه، من إجمالي 112 مليار نحتاجهم لدعم الطاقة.
أما البنزين فلدينا اكتفاء ذاتي منه ولكنه يعاني استهلاكا زائدا وسوء تخطيط من الدولة، نتيجة أزمة المرور، لذا فمبررات "محلب" تكشف عدم فهم لحقيقة المشكلة وأسبابها فتدعم الغني بأموال الفقير.
وحذر "الأستاذ في كلية التخطيط العمراني" من خطورة استمرار السياسة الحكومية التي تميز بين المناطق وسكانها في الخدمات ومخصصات التنمية بما يفتح أبواب وثغرات للتمكين لمخطط مستمر هو تقسيم دول الشرق الأوسط الجديد، الموجود منذ فترة وكان لـ2050 ثم مخطط 2052 ومستمر، فأمريكا تريد تقسيم الدول العربية والإسلامية لدويلات صغيرة متحاربة بإفقار المحافظات والتمييز بين بعضها البعض لدرجة تثير احتقانات متراكمة تجعل محافظات الجنوب تحقد على محافظات الشمال التي يذهب لها مخصصات الدعم بشكل مركزي مع غياب عدالة توزيع الموارد.
وأكد "حجاج" إن سياسة إفقار الصعيد وتهميشه متعمدة وخطيرة وتعد خطر على الأمن القومي المصري والتماسك المجتمعي، وسياسات التهميش تفرضها أمريكا لتقسيم مصر مثلما قسمت السودان والعراق وما زالت وتريد تقسيم ليبيا ولبنان وسوريا والسعودية والجزائر.
فأمريكا تخطط لمائة ولخمسين عاما بخطى ثابتة، فمصر انفصلت عن السودان بعد أن كانت دولة واحدة أيام الملك فاروق، ثم أصبح السودان دولتين واحدة في الشمال والثانية بالجنوب وثالثة في الطريق بدارفور، وكانت عدم عدالة توزيع الثروة أحد أسباب التقسيم، ولذا يعتبر تقليص دعم محافظات الصعيد بداية لمخطط تقسيم وتفتيت الوطن لاحقا.
وكشف "حجاج" أنه برؤية خريطة تقسيم مصر للمحافظات وخريطة الأمريكان ومعها خريطة توزيع الاستثمارات نجد مخطط 2052 للشرق الأوسط يستهدف جعل القاهرة عاصمة للمال والأعمال ومنها البورصة والقمار وكازينوهات قمار عالمية مثل مدينة "لاس فيجاس" مدينة الأخطاء والذنوب، ثم يقال هذا للتنمية الاقتصادية، وبدأ بالفعل في مصر السماح للأجانب لتملك الأراضي ومنها بسيناء والسعوديون يشترون أراضي بمصر، في حين لا توجد دولة بالعالم تسمح لأجنبي بتملك أراضيها، ونجد مؤتمرات لتشجيع رجال أعمال بمناطق وحرمان مناطق أخرى.