من فَضائل هذا الشَّهر المبارك أنَّ الدعاء مُستجابٌ فيه
لحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم :
((ثلاثٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمامُ العادل، ودعوةُ المظلوم))
(صحيح، رواه الترمذي وابن ماجه 1752)
فالصائم حين يصومُ يُصبِح منكسرَ القلب ضعيف النفس
ويذلُّ جموحه ويقتربُ من ربه تعالى
ويترُك الطعام والشَّراب طاعةً لله تعالى
ويكفُّ عن الشهوات استجابةً لربِّ الأرض والسَّماوات
وقال نبيُّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم :
((الدُّعاء هو العبادة))
(رواه أحمد والترمذي وأبو داود، "صحيح الجامع" 3407).
قال الله عزَّ وجلَّ :
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي
وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
فالدعاء عبادةٌ
لأنَّه تذلُّل وخُضوع إلى الله تبارك وتعالى
فهو حبلٌ متين وعروةٌ وُثقَى وصِلةٌ ربانيَّة
والله تعالى يَطلُب منَّا أنْ ندعوه
لأنَّ المسلم بحاجةٍ إلى الله تبارك وتعالى
قال تعالى :
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾
[غافر: 60]
وشهرُ رمضان هو شهرُ الدُّعاء
وشهر الإجابة
وشهر التوبة والقبول
وينبغي على المسلم عندما يدعو أنْ يكونَ على حالٍ من الانكسار
والاضطرار والإخبات والانقِطاع من الأمَل في غير الله
وألاَّ يكون دُعاؤه على سبيل التجربة غير الواثقة
فإنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:
((ادعُوا الله وأنتُم مُوقِنون بالإجابة، واعلَمُوا أنَّ الله لا يستجيبُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ))
(رواه الترمذي، وهو حديث حسن، "صحيح الجامع" 245)
ومن الآداب الثَّناء على الله تعالى
والصلاة والسلام على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الدعاء
وأنْ يحرص الدَّاعي على الالتزام بآداب الدعاء
من وضوءٍ واستقبالٍ للقبلة ورفع اليدين
وأنْ يتوسَّل إلى الله بأسمائه الحسنى وصِفاته العلى
وألا يدعو بإثمٍ ولا قطيعة رحمٍ
وأنْ يبتعد عن الأمور التي تمنَعُ إجابةَ الدعاء
ومنها: أكل الحرام سواء عن طريق الربا أو الغش أو غيرهما
ففي "صحيح مسلم" أنَّ الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم ذكَر الرجل يُطِيلُ السَّفر
أشعث أغبر يمدُّ يدَه إلى السَّماء: يا رب، يا رب، ومطعَمُه حَرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحَرام، فأنَّى يُستَجاب لذلك؟!
ولا تنسى أخي المسلم أنْ تختار الزَّمان الفاضل
وذلك في وقت السَّحر
وفي أدْبار الصَّلوات المكتوبات بعدَ التشهُّد وقبلَ السلام
وما بين الأذان والإقامة
وفي الساعة الأخيرة من يوم الجمعة
وعند دُخول الإمام إلى أنْ تنقَضِي صلاةُ الجمعة
وأخيرًا: فلا تنسى وقت الإجابة عندما تُفطِر
فإنَّ دعوةَ الصائم عند فِطره مستجابةٌ
واعلَمْ أخي المسلم أنَّ ترْك الدعاء والغفلةَ عنه يدلُّ على التكبُّر
وهو مَدْعاةٌ لغضَب الله تعالى
قال تعالى :
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ﴾
[الفرقان: 77]