بينما يحترق قطاع غزة تشتعل الضفة الغربية المحتلة باشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلية مما يثير شبح اندلاع انتفاضة جديدة بعد أن ساد هدوء نسبي لعدة سنوات، مما يضعف موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وخلال ثلاثة أيام فقط أواخر الاسبوع الماضي استشهد عشرة فلسطينيين وأصيب نحو 600 اثناء موجة احتجاجات غاضبة على العدوان الاسرائيلي على القطاع.
وقالت الشرطة الاسرائيلية اليوم الاحد انها أحبطت هجوما فتاكا محتملا حين أوقفت سيارة محملة بالمتفجرات خلال محاولتها الوصول الى اسرائيل عبر نقطة تفتيش في الضفة الغربية بينما اندلعت أعمال شغب مرة أخرى في القدس الشرقية
في الاوقات العادية كانت اخبار هذه التوترات ستهيمن على عناوين الصحف المحلية لكن في ظل توجه الانظار الى غزة حيث استشهد اكثر من1032 فلسطينيا حتى الان خلال العدوان الذي بدأ قبل 20 يوما لم يثر التوتر المتزايد اهتماما يذكر
ويقول فلسطينيون انه اذا استمرت اراقة الدماء في غزة لفترة أطول فقد يكون من المستحيل أن تتمكن اسرائيل او الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السيطرة على الغضب المتزايد في الضفة الغربية.
وقال المحلل السياسي في رام الله هاني المصري ان من السابق لأوانه وصف ما يحدث بأنه انتفاضة لكن الفلسطينيين تغلبوا على خوفهم ويتقدمون نحو الحواجز الاسرائيلية
وخرج اكثر من عشرة الاف فلسطيني في مسيرة الى حاجز قلنديا خارج رام الله ليل الخميس في اكبر مظاهرة منذ سنوات وانضمت عائلات بكاملها الى المظاهرة، وهتفت الحشود "على القدس رايحين شهداء بالملايين" و" بالروح بالدم نفديك يا غزة"
وفي المواجهات التي تلت هذا قذف الشبان الحجارة وأطلقوا الالعاب النارية صوب جنود الاحتلال الذين ردوا بالطلقات المطاطية والرصاص الحي فقتلوا شابا في السابعة عشرة من عمره وأصابوا العشرات وفقا لما ذكره مسعفون فلسطينيون عالجوا المصابين يريد الفلسطينيون اقامة دولة مستقلة في غزة والضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية
وفشلت مفاوضات بوساطة الولايات المتحدة على مدى السنوات العشرين الاخيرة في التوصل الى اتفاق دائم وانهارت أحدث جولة من المحادثات في ابريل نيسان بعد غضب الفلسطينيين من التوسع في النشاط الاستيطاني وغضب اسرائيل من توقيع عباس اتفاقا للمصالحة مع حركة المقاومة الاسلامية /حماس/ التي تهيمن على غزة
وتزامن عدم التوصل الى حل للصراع في فلسطين الممتد منذ عشرات السنين مع تدهور الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس التي تعتمد على المساعدات مما غذى الغضب في الضفة الغربية التي كانت على شفا الانفجار بالفعل قبل العدوان الاسرائيلي على غزة
وفي يونيو حزيران وبعد مقتل ثلاثة مستوطنين يهود ألقت القوات الاسرائيلية القبض على المئات في الضفة بحثا عن المشتبه بهم وحملت اسرائيل المسؤولية لحماس، وهو ما نفته الحركة.
وقال وليد صقر وهو سائق سيارة أجرة في الخمسينيات من عمره "انتفاضة الشعب بدأت لم يتركوا لنا خيارا اخر في ظل الفقر والبطالة من حولنا الانتفاضة قادمة ولا يوجد مكان لمن يقولون لنتمهل فقد تتحسن الاوضاع رباه منذ كنا صغارا لم يتغير شيء".
وقام الفلسطينيون بانتفاضتين، بدأت الاولى عام 1987 واستمرت حتى 1993 ومهدت الطريق لاتفاقيات أوسلو للسلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لتدشن فترة من الآمال والتوقعات لم تدم طويلا.
واندلعت الانتفاضة الثانية عام 2000 بعد اقتحام رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل ارييل شارون للمسجد الاقصى وفشل مساع بقيادة الولايات المتحدة للتفاوض على اتفاق نهائي للسلام وعلى مدار السنوات السبع التالية قتل اكثر من الف اسرائيلي سقط نصفهم في هجمات انتحارية وقتلت القوات الاسرائيلية اكثر من 4500 فلسطيني
وتعهد عباس نفسه بالا يسمح بقيام انتفاضة أخرى قائلا انها ستلحق مزيدا من الخراب بالشعب الفلسطيني لكن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وضعه في موقف ضعيف، وعباس خصم قديم لحماس التي طردت القوات التابعة له من غزة بعد هزيمتها في قتال لم يستغرق وقتا طويلا عام 2007.
اتخذت قوات الامن التابعة لعباس خطوة غير معتادة وهي السماح للمحتجين بالخروج في مسيرات صوب الحواجز الاسرائيلية دون محاولة منعهم كما كان الوضع فيما سبق وانتقد الكثير من الفلسطينيين قوات عباس لتعاونها مع الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، وقال المصري ان القيادة الحالية تحاول ركوب هذه الموجة وتبني الدعوة للتظاهر
لكن اسرائيل بدورها ترد على الاحتجاجات على ما يبدو باستعراض للقوة مستخدمة كما كبيرا من الذخيرة الحية ربما على أمل بث الرعب في نفوس الناس حتى لا ينزلوا الى الشوارع
وتواجه قوات الاحتلال الاسرائيلية احتجاجات ليلية في المناطق التي يغلب على سكانها العرب بالقدس الشرقية وحين يبزغ الفجر تشهد الشوارع على العنف
واختطف المستوطنون شابا فلسطينيا من شوارع القدس في وقت سابق هذا الشهر وأشعلت فيه النار، وألقي القبض على ثلاثة اسرائيليين فيما يتصل بحادث الشاب
الفلسطيني وينتظرون المحاكمة وتعرض فلسطينيان لضرب مبرح في المدينة خلال ليل الاحد في هجوم من قبل مستوطنين يهود
ويقول فلسطينيون ان المواجهات الاخيرة لم تكن مخططة وانها عفوية اذ لا تتطلع اي من الجماعات السياسية الرئيسية في الضفة الغربية الى تنظيم حملة ضد اسرائيل
وقال علي صالح، وهو موظف بالقطاع العام في رام الله "اتخذت السلطة الفلسطينية قرارا سياسيا بالسماح للناس بالوصول الى نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال لكن هذه المواجهات لا يمكن أن تستمر ..انها مرتبطة بالوضع في غزة واذا هدأ فان الاوضاع ستهدأ هنا.
الى الأعلى
المصدر: رويترز
