الدعوة في سبيل الله
تعريف الدعوة ومعناها لغة واصطلاحا
أولا : الدعوة في اللغة
كلمة ( الدعوة ) مصطلح إسلامي، وهناك علاقة وثيقة بين مدلول هذا اللفظ في
الأصل اللغوي، وبين استعماله كمصطلح إسلامي صرف .
الدعوة في الاصطلاح
الدعوة في لسان الشرع قد وردت فيها عدة تعاريف، نذكر منها:
1) تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
الدعوة إلى الله، هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا).
انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ج15/ 157
2) تعريف د. السيد محمد الوكيل:
الدعوة إلى الله هي جمع الناس إلى الخير،ودلالتهم على الرشد، بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، قال تعالى: ((والتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)) [آل عمران 103].
انظر: أسس الدعوة وآداب الدعاء للدكتور السيد محمد الوكيل، ص9
أمثلة على وسائل الدعوة إلى الله تعالى:
1) إرسال الرسل والدعاة.
2) تسلية المدعوين وتنشيطهم.
3) الجهاد في سبيل الله عز وجل.
4) الخطابة على المنبر أو مكان مرتفع.
5) الزيارة والعيادة
6) الكتب والرسائل.
وهذه الأمثلة على سبل المثال لا الحصر وإلا وسائل الدعوة إلى الله كثيرة جدا، فمتى كانت هذه الوسيلة مباحة شرعًا، لا محذور فيها، ولا مخالفة شرعية، فعلى الداعية استخدامها في تبليغ دعوة الله تعالى
أمثلة على أساليب الدعوة إلى الله تعالى:
تقوم جميع أساليب الدعوة إلى الله على أسلوب الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ ))]النحل:125[. وأساليب الدعوة لها مكانة بالغة في الدعوة إلى الله عز وجل، ومنها:
1) التدرج في الدعوة.
2) السؤال والجواب.
3) الاستفهام الاستنكاري.
4) التشبيه وضرب الأمثال.
5) الترغيب.
6) الترهيب.
ولعل هذه من أهم الأساليب التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، وهي على سبيل المثال لا الحصر.
ومما سبق يتبين لنا أن الوسائل تختلف عن الأساليب بأمور منها:
1) غالبا الوسائل تكون حسية والأساليب معنوية.
2) الوسائل تنقل الأساليب.
فضل الدعوة
، فكل من له أدنى إلمام بالعلم، يعرف أن الدعوة شأنها عظيم، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والرسل عليهم الصلاة والسلام هم الأئمة في هذا الشأن، وهم الأئمة في الدعوة، وهي وظيفتهم؛ لأن الله جل وعلا بعثهم دعاة للحق، وهداة للخلق عليهم الصلاة والسلام، فكفى الدعوة شرفاً، وكفاها منزلةً عظيمةً أن تكون وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة. قال الله تعالى في كتابه المبين
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ واجتنبوا الطاغوت[سورة النحل الآية 36.]
فبين سبحانه وتعالى أن الرسل جميعاً بعثوا بهذا الأمر العظيم الدعوة إلى عبادة الله وحده، واجتناب الطاغوت
وقال عز وجل: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[سورة النساء الآية 165.]،فبين سبحانه وتعالى أن الرسل بعثوا مبشرين ومنذرين، مبشرين من أطاعهم بالنصر والتأييد والجنة والكرامة، ومنذرين من عصاهم بالخيبة والندامة والنار.
وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا[سورة الأحزاب الآيتان 45 ، 46.]، فأخبر سبحانه أنه بعث هذا الرسول الكريم محمداً عليه الصلاة والسلام شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله، فعلم بذلك أن وظيفة الدعوة إلى الله هي تبليغ الناس الحق، وإرشادهم إليه، وتحذيرهم مما يخالفه ويضاده. وهكذا أتباعهم إلى يوم القيامة. مهمتهم الدعوة إلى الله
الصفــات والأمور التي لابد منها للداعية
نتوقف هنا عند بعض الصفات و الإمور التي هي ألزم للداعية لكِ يؤتي عمله ثماره
ويتوقف عليها نجاحه و لابد له من تحقيقها ,،
و ان يسعى الى ذلك و أن يبذل الجهد دوما لتكميل نفسه بهامااستطاع لذلك سبيلا
قالوا في الحكمة((و من سلك طريق بغير دليل ضل .. و من تمسك بغير أصل زل))
ودليل الداعيــــة إلى الله و مرشد الناس الى الحق هو كتـــــــــاب الله عز و جل وسنة نبيه الأمين
لذا وجبعلى الداعية أن يحفظ من القرآن ما إستطاع و أن يحسن تلاوته
و أن يواظب على قراءة القرآن مع تدبر معانيـــه
و السعي لمعرفة أحكامه والإلمام بمعرفة معاني الالفاظ التي تكون غريبة عليه
/
و على الداعي ان يرجع للسنة الصحيحة دوما
و عليه ان يدرس بقدركاف سيرة رسول الله و سيرة الخلفاء الراشدين
و سيرة السلف الصالح ما استطاع
و لا غنى لطالب العلمو الداعية و المتحدث و الواعظ عن معرفة قدر كاف من الأحكام المتصلة بالعبادات ..
مثل تفسيربن كثير و القرطبي
الى جانب التفاسير الموجزة
مثل الجللالين و المصحف المفسر
كما ينبغي ان يكون في حوزته كتب في تفسير آياتالأحكام
مثلكتاب((احكام القرآن))
و من الكتب النافعة ايضا و المعينة لطالب العلم و الباحث
((جامعالأصول في أحاديث الرسول -لإبن الأثير الجرزي))
و مختصره ((تيسير الوصول الى جامع الأصول))
و كذلك كتاب ((رياضالصــــالحين ) )
أو احد شروحه و الترغيب
و((الترهيب)) للمنذري
و ((التاج الجامع للأصول))
فهذه الكتب جامعة لماجاء في الصحاح و كتب السنة
الى جانب تبويبها الميسر للباحث عن جانب بعينه
اذا عليك اخي وأختى الداعية بالعلم ثم العلم ثم العلم
و لقد جــاء في الحديث الشريف قول النبي ((من سُئل فأفتى بغيرعلم .. فقد ضل و أضل))
و أخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه
((من علم شيئا فليقلبه و من لم يعلم فليقل الله أعلم))
فلا ينبغي للداعية ان يعطي الناس شيئا هو فـــــــــاقده
ذلك إن من أفتى بغيرعلم هلك
وأخيرا هناك الكثير من الأمور التي نستطيع أن نخدم هذا الدين بها ولكني سوف اقتصر على خمسة أمور فقط خوفاً من الإطالة :
1- المعاملة الحسنة وتطبيق الدين بشكل صحيح ,فكم من الناس ذكوراً وإناثاً صدوا عن الإسلام بسوء معاملتهم وفساد أخلاقهم , وكم من الأشخاص دخل – بعد فضل الله – بسببهم الكثير من الناس إلى الإسلام أو اهتدوا على أيديهم وهم لم يتكلموا بكلمة واحدة عن الدين وكل ذلك بحسن أخلاقهم ومعاملتهم الطيبة .
2- توزيع الكتب والأشرطة النافعة سواء في الاجتماعات العائلية أو المناسبات الأخرى مثل الزواجات أو غيرها ,وأريد منكم أن تجعلوها على شكل هدية جذابة وإعطائها الأشخاص بأنفسكم أو اجعلوا الصغار يقومون بذلك أو إذا أردتم فضعوها في مكان بارز يراه الجميع أو أي طريقة ترونها مناسبة .واحرصوا على توزيعها وإرسالها للدول الأخرى كذلك فهناك الكثير من العمالة الوافدة فان كانوا من المتحدثين بالعربية فجهزوا لهم الكتب المناسبة وركزوا على كتب العقيدة والتوحيد والسيرة والرقائق وغير ذلك مما ترونه نافعا وضعوها لهم في صندوق أو كرتون وأعطوهم إياها وهم سوف يكونون ممتنين وداعين لكم بكل خير وبهذا الجهد البسيط تكونون من الدعاة إلى الله في تلك البلاد وانتم لم تذهبوا إليها وتبقى هذه الكتب والأشرطة مثل الوقف الجاري الذي تصلكم حسناته وانتم في بطون اللحود , وان كانوا غير متحدثين باللغة العربية فهناك مكاتب توعية الجاليات فيها من الكتب المختلفة بالكثير من اللغات والكثير منها مجانا فخذوها وأعطوهم إياها وهم يكفونكم مشقة إيصالها إلى تلك الديار .
3- استخدام التقنيةمن جوالات وهواتف وانترنت وغيرها في نشر الخير فالتقنية لا تعرف الحدود وتوصلنا إلى أماكن لم نكن لنصلها إلا بشق الأنفس ففيها الخير والشر فإن استخدمناها في الأمور النافعة فلا تسأل عن الخير العظيم الذي سوف نجنيه من وراء ذلك ومن استخدمها أو استخدمتها في نشر الشر والفساد والآثام فلا يلوم إلا نفسه , فمن منازلكم أو مكاتبكم تستطيعون نشر الدين والخير في أقطار الدنيا .
4-ألا تعلمون أن هناك مصانع للخمور ومروجين للمخدرات وبيوت دعارة وأشخاص أصحاب أفكار ضالة وسحرة ومشعوذين وغير ذلك من أمور الفساد, فما عليكم إذا علمتم شيء من ذلك أو شككتم في شيء إلا أن تبلغوا الجهات المسئولة وهم سوف يتولون الباقي , فكم من مصنع خمور أغلق وكم من منزل للدعارة كشف من فيه وكم من ساحر قبض عليه بفضل من الله ثم بسبب اتصال من بعض الغيورين والغيورات على هذا الدين .
5-وأخيراً المال فهو من الوسائل المهمة في العمل للدين والدعوة إلى الله – عز وجل – فادعموا المشاريع الخيرية المنتشرة في الكثير من الأماكن , ولا تنتظرون مكاتب الدعوة أو توعية الجاليات أو الجمعيات الخيرية أو المبرات حتى يأتوكم ويعرضون عليكم ما يحتاجون بل بادروا انتم بالذهاب إليهم ودعم المشاريع الكثيرة القائمين عليها فكم من مشروع كان يوصل الخير وينشر الدين في بقاع الأرض توقف بسبب قلة الدعم المادي له , فاستقطعوا من دخلكم وتذكروا إنكم إنما تقدمون لأنفسكم قال الله تعالى :\"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم \" المزمل 20
وأخيرا اقرنوا هذه الأعمال جميعا بالنية الصادقة والعمل الخالص لوجه الله سبحانه ولا تنتظروا الشكر والأجر من احد غير المولى عز وجل وتذكروا أن بعض الأنبياء يوم القيامة يأتي لوحده لأنه لم يستجيب له احد من قومه والبعض يأتي معه الرجل والرجلان وانتم قد تأتون بأعداد كبيره اسلموا على أيديكم أو اهتدوا بفضل من
الله ثم بفضل عمل صغير عملتموه لخدمة هذا الدين والدعوة إلى الله العلي القدير . والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه الطاهرين الطيبين .