تنتمي بلدية خنقة سيدي ناجي إلى دائرة زريبة الوادي ولاية بسكرة،
وتقع على بعد 100 كم شرق عاصمة الولاية بمحاذاة حدود ولاية خنشلة
على سفح جبل الأوراس وعلى ضفاف واد العرب الكبير.
تأسست الخنقة في عام 1602م / 1011هـ
على يد الشيخ المبارك بن قاسم (توفي عام 1622م/1031هـ)
وسماها على اسم جده سيدي ناجي تبركا به.
اشتهرت الخنقة في بداية تأسيسها بزاويتها التي استقطبت طلاب العلم
من كل المناطق المجاورة، ثم اشتهرت بزراعة النخيل والأشجار المثمرة
فتوسعت وذاع صيتها في البلاد.
كان لشيوخ الخنقة سمعة طيبة واحترام كبير لدى كل سكان المنطقة
وكذلك لدي حكام الدولة العثمانية آن ذاك مما أدى إلى التوسيع في امتيازاتهم
والاتساع في نفوذهم إلى كل الزاب الشرقي ومنطقة ششار.
اشتهرت الخنقة بالمدرسة الناصرية نسبة لمؤسسها أحمد بن ناصر،
فكانت قبلة لطلبة الزيبان وواد سوف والأوراس
و قسنطينة و عنابة وحتى تونس وطرابلس.
كانت تحتوي المدرسة على 15 غرفة في طابقين لإيواء الطلبة،
وبها مكتبة ومطهرة وأحواض ماء لمحو الألواح،
وكانت تهتم بإطعام الطلبة والتكفل بهم طيلة دراستهم،
كما اشتهرت المدرسة بالنحو بجانب تدريس علوم القرآن وتحفيظه،
والأدب واللغة والصرف والبلاغة والعروض والفقه والحديث.
ولعل ما زاد من شهرة الخنقة، بالإضافة إلى ذلك،
أنها كانت محطة رئيسية لقوافل الحج،
فكان الحجاج الوافدون من المغرب في اتجاههم نحو البقاع المقدسة
يمرون بها كنقطة عبور يجدون فيها الراحة والإرشادات الضرورية لسفرهم
الطويل قبل توجههم إلى توزر بتونس، وقد سجل بعض الحجاج و الزائرين
انطباعاتهم عن الخنقة مثل الإدريسي والبكري والورتلاني،
هذا الأخير الذي أشاد بالخنقة، فقال :
“الخنقة قرية طيبة مباركة ذات نخل وأشجار وسط واد بين جبلين”،
وقال عن أهلها :
” إن محلهم مشهور بالفضل والعلم والهمة…”،
” إنهم حازوا المعالي منذ قديم الزمان”.
غير أن أوضاع الخنقة بدأت تتدهور شيئا فشيئا أثناء فترة الاستعمار
الفرنسي البغيض، فعرفت نتيجة لذلك تقهقرا كبيرا،
فتصدعت مبانيها، واندثرت معالمها العلمية والحضارية،
ولم يبق منها اليوم سوى آثارا على وشك الضياع وتراثا مدفونا
ينتظر من ينفض عنه غبار النسيان.
لقد كان لخنقة سيدي ناجي منذ نشأتها تاريخ زاخرا
يشهد به القاصي والداني، لقد أسست على تقوى من الله
وتطورت اقتصاديا وثقافيا بفضل ما كان لأبنائها من عزم واجتهاد ومثابرة،
حتى أصبحت في وقت ما منارة أضاءت ما حولها،
وقبلة أمها الأباعد فضلا عمن بجوارها، فاستفادوا منها، واستعانوا بأهلها،
واغترفوا من معارفها، وتخرج منها علماء ذوو شهرة لا تنكر،
لا زالت أسماؤهم خالدة على مر الزمان.
كما ساهمت خنقة سيدي ناجي أثناء حرب التحرير الكبرى
بقسط وافر – ولا شكر على واجب- فكان لها من بين قوافل الشهداء العدد الكبير،
وعانت من ويلات هذه الحرب الكثير، فبرز منها مجاهدون عديدون،
لهم عند رفقائهم كامل التقدير والإعجاب، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
[img]
[/img]
صور للأخ مصعب سالمي