الحركات الاجتماعية التطورية
أدت شهرة وشعبية داروين إلى ارتباط اسمه بالأفكار والحركات التي ليست لها علاقة وثيقة بكتاباته ,وأحيانا ناقضت آرائه بشكل مباشر. كان توماس مالثوس قد جادل قائلاً بأن الرب جعل النمو السكاني يتجاوز الموارد لحث البشر على العمل المثمر وتنظيم النسل. وكانت تستخدم هذه النظرية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي لتبرير الإصلاحات الاقتصادية وسياسات عدم التدخل.[159] نظرية التطور أصبحت تُرى بعد ذلك على أن لها تأثير على المجتمع. كتاب هيربرت سبينسر الإحصائيات الاجتماعية القائمة على حرية الإنسان والحريات الفردية على النظرية التطورية للامارك.[160] وبعد فترة وجيزة من نشر " الأصل أو المنشأ - Origin " في 1859 م، سخر النقاد من وصفه الصراع للبقاء كتبرير مالثوسي (Malthusian) للصناعة الرأسمالية الإنجليزية في ذلك الوقت. مصطلح (الداروينية Darwinism) استخدم للأراء التطورية للآخرىن ومن ضمنهم سبنسر " البقاء للأفضل " كتطور للفكر الحر ، وعنصرية ارنست هكل وآرائه عن تطور الإنسان. استخدم الكتاب فكرة الانتقاء الطبيعي كحجة للأيديولوجية المختلفة، والتي كانت غالبا متناقضة، مثل سياسة عدم التدخل " كلب يأكل كلب" الرأسمالية، العنصرية، الحروب، الاستعمارية والامريالية, ومع ذلك تضمنت وجهة نظر داروين الكلية للطبيعة "اعتماد وجود أحدهما على الآخر"، وبالتالي يشدد دعاة السلام والاشتراكيين والإصلاحيين الاجتماعيين التحرريين والفوضويين مثل بيتر كروبوتكين على قيمة التعاون على النضال ضمن الأنواع.[161] وداروين بنفسه أصر على أن سياسة المجتمع لا يجب أن تتبع مفاهيم الصراع والانتقاء الطبيعي[162] بعد الثمانينات من القرن الثامن عشر تطورت حركة تحسين النسل بناء على أفكار التوارث البيولوجي، وكتبرير علمي لأفكارهم نسبت بعضها للمفاهيم الداروينية. في بريطانيا، كان الغالبية يتشاركون آراء داروين الحذرة بشأن التحسين الاختياري ويسعون لتشجيع تلك الصفات الجيدة في تحسين النسل الإيجابي. خلال الكسوف الدارويني Eclipse of Darwinism " قدمت الوراثة المندلية أسس علمية لتحسين النسل، وكان علم تحسين النسل السلبي لإزالة "المشوه" ذو شعبية في أمريكا وكندا وأستراليا، ووضعت مؤسسات تحسين النسل في الولايات المتحدة قوانين " التعقيم الإجباري" (compulsory sterilization)، وتبعتها عدة بلدان أخرى، وفي وقت لاحق أصبح لمجال تحسين النسل سمعة بفضل النازية. وقد استخدم مصطلح "الداروينية الاجتماعية" بشكل نادر منذ 1890 م ،ثم أصبح مصطلحاً ذا شعبية في الأربعينات 1940 م. وعندما استخدمه ريتشارد هوفستاتر (Richard Hofstadter) للهجوم على " سياسة عدم التدخل" (وهي سياسة اقتصادية تعني عدم تدخل الحكومة في التجارة) لمن هم من أمثال وليام غراهام سمنر (William Graham Sumner) والذين عارضوا الإصلاح والاشتراكية. ومنذ ذلك الحين تم استخدامه كمصطلح للإساءة لكل من يعارض ما يُعتقد بأنه عاقبة أخلاقية للتطور.