عبد العزيز الراشد
عبدالرحمن الناصر
الفن في نجد تلخص في عدة أوجه واتخذ الموروثات الإيقاعية المتناثرة في صحاريها العديد من الأنغام الشعبية التي وجدت الاهتمام من روادها ووضعت لنفسها وجها جديدا في عنصر الفن الغنائي "المنفرد" منسلخا من غناء المجاميع التي تعرف حالياً بالتراث منها "العارضي والهجيني والسامر" وغيرها..
من هذا المنطلق أتى من محافظة سدير صوت حرك الساحة عبد العزيز الراشد هو من أبدع في إيصال مضمون النغم والأداء رغم الحرمان الذي هو يتحدث عنه من هذا التواصل الإعلامي، بالتأكيد هناك علامات مميزة قادت الإعلام للوصول إليه رغم نوادرها منها أغنية "شبكني" التي أعادها الينا الفنان محمد السليمان لحناً قبل ثلاث سنوات بأغنية "خلصنا"..
في الماضي كان الفنانون يقدمون القصيدة الغنائية متكاملة لا يحذف فيها شطر أو يعدل فيها لأنها لا تأتي إلا من احساس مكتمل ينشد الواقع مبتعِداً عن الخيال
هنا في أغنية "شبكني" تستلهم في محتوياتها أن هناك أمرا عذاباً ألما لا يسع الشاعر إلا الإفصاح عن إحساسه والنيل من عشيقة في تصدير الرواية، هناك احترام ومبدأ رغم كل الإشكاليات الظروف الاجتماعية إلا أن كل شيء كان يأتي بإحساس مفعم!!تجد كل شيء في تلك الأغاني التي تعطي مستمعها عالما خاصاً ذهبياً "الخيانة الليالي الهلاك" أتت متوالية في مذهب الأغنية لكنها تناغمت بحروفها وأشكالها..
شبكني بالهوى منهو شبكني
وأنا اللي في غرامه قد ملكني
في بعده صار حتى انه هلكني
وخانتني صواديف الليالي
سياق الحديث دائما ما يتوارى خلف المعاني، إنها الفوقية والاحترام في النهج وترسيخ المعاناة في الألفاظ، الاختلافات في العناصر المواتية والأدوات في تقديم الأغاني التي تحمل كل المقومات للأغنية الناجحة نبتت في ارض خصبه وتكون هي الجزع السميك المخضر..
هي حقيقة تلك الأعمال المتجاوزة عن حدود الإبداع والإتقان بل هي الروعة هي تنفست من كلماتها وحسها الموسيقي ونغمها وأدائها، عبد العزيز الراشد كان من ضمن المطربين في نجد يتفوق في جمله التي لايقدمها إلا هو وإحساسه ومعاناته التي كونت له جماهيرية يتذكرها الجميع؟! بالتأكيد الجميع يتذكر الراشد ويعيش مع أغانيه روعة البساطة والاختيار، واعتقد أن مثل هذه الأعمال لو قدر لها أن تعرض من جديد أو يعاد بثها لوجدت الانتشار كرة أخرى!!
تابعوا البساطة في اختيار الكلمة والنضج في تكوين الكلمة العامية وإبرازها عنوة عبر الأجراس الموسيقية..
وراني العذاب أول وتالي
أنا مالي بالمقادير حيله
ولا في وسط الليالي وسيله
وبنار الهجر شب القلب شبه
عندما تواجهك الأقدار وتخلو منك الحيل يزداد المرء بالبلاء خاصة بلاء الهوى والحب، الكل يشكي من الروح العليلة والعذاب وألوانه؟دائما تردد عبر الاشعار والأغاني إلا أن الفروقات تختلف مابين هذه وتلك وبين السابق والحاضر، حقيقة الأغاني السابقة إنها كانت تأتي بمنطلق الإحساس والغيرة والاحترام والاختيار الجيد من الجميل الموصلة بالأنغام الموسيقية التي تحمل أجراسا تُسَيق الأغنية كيفما تشاء..
وأنا اللي يا بلايا من هوايا
وينه يا ولد روحي عليلة
و تكدر حسني اللي صفا لي
وراني العذاب من أول وتالي
عبد العزيز الراشد هو احد النجوم الكبار في وقت تنازل الإعلام عن متابعة مايقدمون وعدم تدوين ما قدموا لحفظ الموروثات القديمة التي كانت متواصلة من أعمالهم "إنها لغة الأرض" العجيبة النغمات الكلاسيكية هي منهم ولهم وكانت قبلهم!!
سدير أنجبت العديد من لهم باع طويل وكبير في إبراز مجموعة من الأعمال الفنية، هناك تواصل حسي مع مناجاة الأرض ولغتها وعطائها في القصائد الغنائية التي تحمل الكثير من الأجراس الموسيقية، "شبكني بالهوى" كانت علامة بارزة في الأغنية الخليجية الماخوذه من أعماق التراث بكل تفاصيلها..
الراشد في مجمل أعماله كانت كالذهب الناصع قدمت لتعيش متواصلة مع الأجيال، إلا أنها تلهث في وقت ندرة الأعمال الرائعة، إنها حديث العاشق للتواصل الأبدي همسة لن تموت وجدت لتبقى كثيراً "شبكني بالهوى والله شبكني".