أثبتت دراسة حديثة — بمعهد هوارد هيوز الطبي — أن حدوث تغيُّر جيني بسيط في حرف واحد من أربعة أحرُف بعينها من إجمالي ال 3 مليارات حرف الموجودة بخريطة الحمض النووي، هو المسئول عن الشعر الأشقر، كما أثبتت أن هذا الجين لا علاقة له بالذكاء — حيث ساد الاعتقاد بأن الشقروات حمقاوات؛ مما برَّأ ساحتهن من هذه التهمة — ولا علاقة له أيضًا بلون البشرة أو العينين. وهذا التغيُّر الذي يطرأ على الجينات هو آلية حيوية تؤدي طبيعيًّا إلى تغيُّر لون الشعر أو لون البشرة، لكن لكل من الشعر والبشرة جينات مختلفة؛ لأن الحمض النووي التنظيمي يغير نشاط الجين في منطقة معينة فحسب من الجسم. وفي أماكن أخرى من الجسم يشترك الجين المسئول عن الشعر الأشقر في تكوين الدَّمِ، والبويضات، والمَنِيِّ، والخلايا الجذعية، لكن الجين ينشط في منطقة واحدة فحسب وفقًا لطفرات طفيفة. وللعثور على هذا الجين فحص العلماء منطقة من الجينوم لها عَلاقة بالشُّقر عند شعوب هولندا وأيسلندا، إلى أن استطاعوا — بدقة متناهية — تحديد الحرف بعينه المسئول عن الشعر الأشقر. وللتأكُّد من نتائجهم، طبَّق العلماء هذه النتائج على الفئران التي تُغَيِّرُ فِراءها إلى لون أفتح عند تعديل هذا الجين. وقد توصل العلماء إلى هذه النتائج عندما كانوا يدرسون بالأساس تطوُّر الصبغات اللونية عند الأسماك شائكة الظهر؛ الأمر الذي دفعهم إلى تقصي الكود الجيني المسئول عن لون الشعر، وقد وجدوا أن التغيُّر الطارئ على نفس الجين عند الإنسان هو نفسه يؤدي إلى تغيُّر الصبغات في مختلف مجموعات هذه الأسماك حول العالم. ويقول العلماء إن فهم الآلية الكامنة وراء شيء شائع مثل لون الشعر الأشقر، سوف يساعد العلماء في فَهم آلية عمل الجينات في سياقات أخرى مثل الأمراض، والوصول إلى الأدوية المناسبة لها. كما يُعَدُّ هذا الاكتشاف مثالًا بيولوجيًّا جيدًا على كيفية التحكم في الصفات، فضلًا عن أنه يلقي الضوء على ماهية صفة الشعر الأشقر المذهِلة للكثيرين.