• أمريكا تعيد ترتيب تحالفاتها لصالح "إسرائيل" ومنظومة الشرق الأوسط الكبير
• قائد الانقلاب يورط الجيش المصري في صراعات إقليمية لرد الجميل لواشنطن
حذر خبراء وسياسيون من أسباب وتداعيات زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة والتي أعقبها مباشرة زيارة أخرى للعراق، فـ"كيري" جاء لإعادة ترتيب تحالف إقليمي ودولي جديد بالمنطقة لمواجهة ثورات الشعوب ولإجهاض وامتصاص الثورة العراقية، وإعداد النظام الانقلابي القائم للعب دور "شرطي المنطقة" وتوريطه في صراعات إقليمية جديدة، وتطبيق "كيري " لسياسة "الأرض المحروقة" التي تمثل تطويرا خطيرا لدور القاهرة في منظومة الشرق الأوسط الكبير بما يخدم المصالح الأمريكية ولمواجهة ثورات الربيع العربي وتوريط للجيش المصري.
وأكدوا لـ"الحرية والعدالة" أن "كيري" جاء ليعطي الضوء الأخضر لخيارات هي الأكثر دموية ضد رافضي الانقلاب، فأمريكا وأوروبا هما من خططا الانقلاب ونفذاه بأيدٍ مصرية.
وكان قد قام وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" القاهرة مؤخرا وأكد أن مروحيات الأباتشي الأمريكية ستصل "قريبا" إلى مصر وذلك بعد أن عطلت الولايات المتحدة ثلث مساعدتها إلى القاهرة. وقال في مؤتمر صحفي مع نظيره بحكومة الانقلاب "إن هذه طائرات "الأباتشي" تركز على مكافحة الإرهاب، وستستخدم حيث تبذل مصر جهدا كبيرا معنا وبالتعاون مع إسرائيل ودول أخرى، على التصدي لهؤلاء الإرهابيين" على حد قوله.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن سبب زيارته لمصر هو تأكيد قوة وأهمية العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، كذلك تأكيد أهمية الشراكة بين البلدين "لمحاربة المخاطر التي تواجه المنطقة وعلى رأسها "الإرهاب". ولفت إلى أن الولايات المتحدة سوف تعمل على تقديم الدعم الاقتصادي لمصر وتوفير الجهود اللازمة لتحقيق الاستقرار بها.
وأكد كيري أن طائرات الأباتشي التابعة للجيش المصري والتي احتجزتها الولايات المتحدة العام الماضي سوف تعود لمصر قريبا، وقال "الطائرات ستأتي بصورة سريعة لأنها تستخدم في مسألة محاربة الإرهاب وفي مكان تعمل فيه مصر بالتنسيق مع إسرائيل لمحاربة الأنشطة الإرهابية".
وقال "كيري" إن "مصر في هذه اللحظة تواجه الكثير من المخاطر والفرص". وإن على حكومة الانقلاب توفير الكثير من الفرص للمصريين وكذلك للشباب الذين شاركوا في الثورة من خلال الشراكات الدولية والصداقات في المنطقة"، على حد زعمه.
محور إقليمي لمواجهة الثورات
قال المحلل السياسي أحمد فودة –مدير مركز النخبة للدراسات- في إطار تحليله لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة، نوضح بداية أنها زيارة لوزير خارجية فاشل، وهو الأكثر فشلا في تاريخ وزراء الخارجية الأمريكيين منذ تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، ويعد "كيري" قد فشل فشلا ذريعا ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط بل وعلى مستوى العالم كله فيما يخص السياسات الخارجية الأمريكية.
وأوضح في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" أن زيارة "كيري" لا بد أن نربطها بمجمل قضايا المنطقة وتحديدا بما يحدث بالعراق، فالهدف الأساسي لـ"كيري" هو محاولة التنسيق بين قيادة الانقلاب بمصر والحكومة العراقية لمواجهة ثورة أهل السنة بالعراق ضد حكومة "نوري المالكي"، وسوف يترتب عليها تطورات مهمة ربما تعيد للذهن ما قام به المخلوع "حسني مبارك" بالثمانينيات حينما شارك بقوات مسلحة مصرية ضد إيران بالحرب العراقية الإيرانية.
• أحمد فودة: "كيري" يعمل من أجل توريط الجيش المصري في الحالة العراقية
وأكد "فودة" أن الهدف من ذلك محاولة قتل أو إفشال الثورة بالعراق، لأن نجاح الثورة بالعراق سوف يترتب عليه نتائج سياسية خطيرة على الأطراف الدولية والإقليمية وعلى الانقلاب بمصر، وبالشرق الأوسط.
ويرى "مدير مركز النخبة للدراسات" أن "كيري" جاء ليقدم مزيدا من الدعم لـ"السيسي" وحكومته بظل حالة التخبط التي تعيشها، أيضا "كيري" جاء لتقديم صور نمطية مصطنعة عن "البطل" مدللا بتصريحات "كيري" فيما يخص الضغوط الأمريكية بشأن صحفي الجزيرة ثم باليوم التالي صدر ضدهم حكم قاسٍ من أجل إخراج مشهد بطولي للسيسي مثلما حدث بفترة الخمسينيات والستينيات لجمال عبد الناصر أحد رجال الولايات المتحدة بينما تم تصويره كأنه يقاومها والآن يتم إعادة نفس المشاهد.
وبشأن تصريحات كيري "أن طائرات الأباتشي تركز على مكافحة "الإرهاب" وستستخدم حيث تبذل مصر جهدا كبيرا معنا وبالتعاون مع إسرائيل ودول أخرى"، نبه "فودة" إلى أنها ليست بالجديدة بل قيلت حينما تم الإعلان في مرة سابقة عن عودة 10 طائرات الأباتشي وتم احتجازها قبل انتخابات الرئاسة وقيل إن عودتها لمحاربة ما يسمى بـ"الإرهاب" بالتعاون مع إسرائيل والدول المحيطة الأردن والسعودية.
وكشف "فودة" أنه من الواضح أن زيارة "كيري" تبين أن هناك نوعا من أنواع صناعة محور إقليمي جديد مختلف عما كان قائما فترة ما قبل الربيع العربي، فالمحاور القديمة كانت تتمثل في محور "الاعتدال العربي" ويضم أمريكا وإسرائيل ومصر والأردن والإمارات والسعودية، ومحور "الممانعة" ويضم إيران وحزب الله وسوريا، أما الآن تداخلت المحاور وانضمت إيران للتحالف الأمريكي الإسرائيلي ولقوى الاعتدال العربي في مواجهة الشعوب. وأشار "فودة" إلى أن هناك ترتيبات تجري لتشكيل محور جديد لمواجهة تحركات الشعوب وثوراتهم يضم "إيران وأمريكا وإسرائيل ودول الاعتدال العربي.
وأكد ضرورة الربط بين ما يحدث بالعراق وما يحدث بمصر، فالقضية قضية واحدة هي قضية الثورة بالعراق ومصر وتونس، قضية شعوب تريد التحرر في مواجهة قوى خارجية وعملائها بالإقليم.
وأشار "فودة" إلى أن "جون كيري" لم يعد بحاجة لإعطاء "السيسي" تفويضا جديدا بالقتل، فالدعم الأمريكي والغربي موجود ومستمر فالأمريكان والأوروبيون أطراف خططت ونفذت الانقلاب بأيدٍ مصرية، لذا فزيارة "كيري" ليست تجديدا للدعم بقدر ما هو ربط وإعادة ترتيب لما يحدث من مستجدات بالإقليم كله وليس فقط مصر. خاصة وأن القتل سياسة ممنهجة يومية ولحظية خاصة بأيام الجمع وليس هناك جديد فيما يخص الدعم الأمريكي للقتل بمصر، ولكن الجديد هو وجود بقعة جديدة للثورة بالعراق لها تأثيرات استراتيجية على الإقليم كله، فكان لا بد أن يأتي "كيري" لاستعادة ما حدث بالحرب "العراقية –الإيرانية" الأولى، متوقعا محاولة مواجهة وامتصاص الثورة العراقية بما لها من تأثيرات خطيرة على الانقلابيين بمصر.
الأرض المحروقة
يرى د. حسام عقل –رئيس المكتب السياسي لحزب البديل الحضاري- أن زيارة "جون كيري" وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة تأتي في إطارين؛ الإطار الأول هو منح الضوء الأخضر في مصر لقمع المعارضين واستخدام أكثر الخيارات دموية وقمعا، أما الهدف الثاني فهو يتصل بالملف العراقي حيث تعد "واشنطن" النظام المصري ليكون "شرطي المنطقة" ولتوريط الجيش المصري في الحالة العراقية بملابساتها الدامية.
• حسام عقل: واشنطن تدعم الانقلاب بأكثر الخيارات دموية ضد ثورة الشعب
وأضاف في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" وقد نجم عن ذلك في تقديره ارتباك شديد في رؤية النظام المصري الذي سارع بدعم "نوري المالكي" بالعراق وهو ما أغضب الشريك السعودي الذي جاء إلى مصر بدوره معاتبا وموجها أسوأ العبارات إلى النظام المصري، ومن الملحوظ أن الإدارة الأمريكية لم تهنئ "السيسي" بالرئاسة في البداية، ولم توفد إلى حفلة التنصيب سوى مستشار وزير الخارجية "جون كيري" وتأخر "أوباما" الرئيس الأمريكي نفسه في الاتصال، وتم أيضا تقليص المعونات.
وتابع: لكن الإدارة الأمريكية تحاول إعداد الجيش المصري لأدوار شائكة في العراق لمساندة السياسات الطائفية الشيعية لـ"نوري المالكي" وربما في مرحلة لاحقة في ليبيا أو في غزة.
وبعبارة موجزة فإن زيارة "كيري" هي تطوير خطير لدور النظام المصري في إطار منظومة الشرق الأوسط الكبير التي تريدها الإدارة الأمريكية، فضلا عن أنها محاولة لسكب مزيد من البنزين على النار ومد النظام المصري بمزيد من طائرات "الأباتشي" لقمع المعارضة عسكريا وتطبيق سياسة "الأرض المحروقة".