عادت هولندا في الدقائق الأخيرة من اللقاء ضد المكسيك بهدفين قاتليْن لتضرب أحلام المكسيك، بالتأهل لأول مرة في تاريخها لدور الثمانية ببطولة كأس العالم.
هل استحقت هولندا التأهل ؟ أو بالأحرى هل استحقت المكسيك هذا الخروج الصعب بعد هذه البطولة والمباراة الكبيرة التي قدمتها ؟
للإجابة على هذا السؤال علينا رؤية المباراة كاملةً بتفاصيلها الصغيرة المتعددة ، التي شكّلت منعطفات هامة غيّرت مسار المباراة أكثر من مرة.
أولى هذه التفاصيل كانت بخروج الهولندي دي يونج في الدقائق الأولى من المباراة ليكسر جس النبض في الشوط الأول, فتبدّلت أحوال المباراة لصالح المنتخب المكسيكي الذي استغل الفراغ الذي تركه خروج دي يونج فهو قاعدة بناء الهجمات لهولندا وقائد المنظومة الدفاعية ومؤسس شبكة الأمان في الخط الخلفي.
المكسيك استغلت خروج دي يونج وأثبت المدرب هيريرا حسا تكتيكيا عاليا، فسيطرت المكسيك على خط الوسط باستحواذ فني وبدني مزدوج, لكن في نفس الوقت لم تتهوّر هجومياً خوفاً من ترك مساحات بالخلف يستغلها الثنائي روبن وفان بيرسي بسرعتيهما.
أيضاً استطاعت المكسيك عزل خطوط هولندا عبر الضغط المبكّر على دفاع هولندا ومن أمامهم شنايدر, وأي محاولات هجومية هولندية كانت بمجهود فردي من روبن، وأرادت هولندا انهاء الشوط الأول إلى بر الأمان وبالتعادل السلبي في انتظار تعليمات مدربهم لويس فان جال.
في الشوط الثاني يبدو أن المدرب المكسيكي أوصى لاعبيه بتكثيف محاولات التسديد، خاصة مع غياب المحور الهولندي, وكان لهم ما أرادوا عبر المتألق جيوفاني دوس سانتوس.
النقطة الثانية التي غيّرت شكل المباراة هي تبديل دوس سانتوس الغريب, فأراح خروجه خط وسط هولندا وتفرّغ للمساندة الهجومية, ولاحظنا ذك بتواجد أكبر من لاعبي هولندا قرب مرمى المكسيك, وكادت هولندا أن تعود بالمباراة أكثر من مرة لولا تألق الحارس المكسيكي أوتشوا.
هذا التبديل يُعيد لأذهاننا تبديل خوسيه بيكرمان الشهير باخراج ريكلمي لاعب منتخب الأرجنتين أمام ألمانيا في مونديال 2006, فأراح خط وسط ألمانيا من هذا الكابوس, لتعود ألمانيا تسيطر على مجريات اللقاء ثم تعود بالنتيجة.
النقطة الثالثة بتبديل هولندا بخروج فان بيرسي ودخول هونتيلار, وربما أراد فان جال من ذلك تواجد لاعب يعطي زيادة عددية هولندية في منطقة جزاء المكسيك, واستطاع هونتيلار تخفيف الضغط عن روبن وفتح مساحات للبقية.
المكسيك كان بينها وبين دور الثمانية دقائق معدودة, لكن خطأ هيريرا بتبديل دوس سانتوس, وخبرة هولندا وامتلاكها لاعباً حاسماً اسمه آريين روبن يعرف كيف يُغيّر مجريات الأمور, ومع ذلك يمكن القول أن هولندا ربما استحقت التأهل, لكن المكسيك لم تستحق الخروج.