ليس المهم أن ترى بهذه العيون الخادعة أم لا، ليس المهم أن تصاب بالدوار، أو تفقد القدرة على الإحساس كما غيرك، أن تصاب بالجنون، أو تبقى مخدوعا كغيرك، ليس المهم أيها الوهم غير(كرهك)، ألم أنصحك مرة أن لا تتخلى عنه، ولو للحظة، الم اقل لك انه سلاحك لتحمي قوتك، ويحفظ لك ما تبقى من عقلك؟ الم اقل لك انك إن تركته ستفقد حتى قدرتك على أن تبكي لضيع حظك. أنت ضعيف لأنك نسيت كيف تخطيء. أنت وحيد، لأنك نسيت كيف تجرح كل ما احبك. أنت مهزوم، لأنك عرفت يوما كيف تمشي، تاركا وراءك (كذبك).لا تشكو أمامي عقلك المشوش، لأنك لم ترحمه يوما من صفعات الزمن، لأنك لم ترحم يوما نفسك، عش بدمارك كما كنت دائما، احزن وحيدا، ليعتصر قلبك باحثا عن دمعة، تريح بها تساؤلاتك. ليتك تحرم حتى من منة أحداقك عليك، في قمة احتضارك، ليتك تحترق في نار لعنتك المشؤومة، ليتك تنهار لتحال رمادا أمامي، ليتك تعيش الاندثار، وتحيا موت اللحظات، ولا تجد ما يهدئ ارتجاف أشباح جنونك. ليتك تنهار كليا، لتتعلم كيف لا تضعف للسراب، من جديد.
إن قمت بالهرب مرة، ستلجأ إليه في كل موقف لا تستطيع اتخاذ قرار بشأنه فيما بعد، إن تخليت عن فرصتك فيما أرسله القدر إليك يوما، لن تحصل على ما تريد ولو مرة فيما بعد. إن استسلمت قبل كل حرب مع الزمن، سيرى الآخرون فيك وسيلة ليرضوا أمراضهم بتعذيبك. ستزداد غربتك يوما بعد يوم، والمصيبة الأعظم، إن سكنتك أيها الشاعر الحروف، ستصبح أسيرا لعالمها الغريب، ستصبح غارقا في وصف (كل) شعور يدور في خلد (أي) إنسان، غير ذاتك. ستفهم في وحدتك، ما لا يفهمه غيرك. سترى كل شيء بطريقة مختلفة. ستشفق عليهم، وأنت حري بعيون الكون اجمع، أن تشفق على نفسك. ومما سيزيد انفصالك عنهم، أن تضحك بعيون حزينة، أتعبها الألم. لأنك تعلم بان الفرح يثقل دمار أطفالك. لأنك بقرارة نفسك، تدرك انه ليس سوى (كذبة) ككل الأشياء سواه. تعلم أن الحزن حقيقة، تخيم أسراره الدفينة، على قلوب يعتصر الخوف تكوينها، لأنه قد عرف كيف لأمثالك السبيل. قد اخترت وحدتك يوما بمليء إرادتك، قد صنعت رغما عنك عالما، لينسجم وواقعك، فلا تكن جبانا مرة أخرى، لتبكي من وضوح الدموع.
ليتك تعلم كيف تكون خلاياك قريبة من بعضها، لدرجة تقتلك. ليتك تحس بصداع لا شعوري، لتعلم كيف لم تعد كما تريد. ليتك وقفت يوما ناظرا لهوة ألمك، لأنك تمنيت الموت أيها اللاشيء، لكنك خفت أن ترتاح بعد هذا الفناء. تضارب نبضات قلبك ينذرك بأنك لست ملكا إلا لما لا يريحك، ليس يسمح لك بالنظر أبعد من حدود الاختناق المظلمة، هذا الدمار الذي لا يسمح لك بأن ترسم الملامح السعيدة، هذا التعب الذي يرعى أيامك القاسية، قبل أن يعترف لك بائع سم اللحظات بمرضك المزمن، وبأنك لا تملك حقا بالدخول لزيارة روحك، الممددة تحت ثقل دموع من لم يحبوا وجودك الغائب يوما، ليتك تعلم كيف ترسم الأشياء في ذاكرتك، لتطبع في جواز سفرك، ليتك تكون سعيدا، دون أن تشعر بالتعب.
بعض الحقائق تورث مساء أيامنا استجابات صادمة، حقائق لم تتوقع يوما أن ينسجها فضول خيالك، فكيف ستفعل إن وجدتها ماثلة أمامك، كوقع دقات خوفك، تتجسد في كل لحظة من لحظات صمتك، تماما كما تتجسد أخطاؤك في كتاب أيامك، تلك الأخطاء العنيدة، لا يرضيها ندمك، تتمسك ببقايا ظلك في عالم البشر، تلاحق أكاذيب الطين في أعماقك، لا يمكنك أن تنساها، أن تطويها مع ذكريات لا مبالاتك، تجعلك تبكي، لأنك ترى الظلم يسخر من طموحات كبرياء يضاهي شموخ السماء، بقلب الطفولة الحزين، ودمعة الأبد، الذي يتمنى أن يعرف معنى النهاية.
تطعن أحداث حياتنا أرواحنا، لدرجة تجعل أخطاءنا مبررة، مهما بلغت أضرارها، وهل سيشكل الألم بالنسبة لنا أي فرق، إن كنا قد مررنا بجليده الذي انتزع ومضات آمالنا، قبل أن نعرف معنى شعور غيره؟؟؟.
بقلم: إيمان ريان