أكد د.السيد أبو الخير -الخبير القانوني وأستاذ القانون الدولي- أن القضاء في مصر يعد من أخطر وأهم آليات الثورة المضادة، وتم توظيفه واستغلاله بشدة وكثافة بعد الانقلاب.
وقال أبو الخير: "فكما استخدمه مبارك لشرعنة أي باطل وتأديب الخصوم، الآن وصلنا لمرحلة هي الأسوأ بتاريخ القضاء المصري، حيث أصبح هناك تحالف بين العسكر وقطاع من القضاء، وهو التحالف الأخطر الذي واجهته الثورة المصرية، وتصاعدت الانتهاكات وانهارت منظومة العدالة في مصر بسبب قضاة العسكر لدرجة وصفها بأنه لم يعد هناك شيء اسمه "قضاء مصري" بل في مصر قضاء ولكنه ليس مصريا".
وكشف في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" أن القضاء المصري انهار لأسباب أساسية؛ الأول بعد أن دخل فيه ضباط الشرطة، والثاني انهيار منظومة التعليم العالي وضعف الخريجين، والثالث المحسوبية والواسطة حيث يتم تعيين الراسبين من طلبة الحقوق ومنع تعيين الأوائل منهم، وتسلل مفاسد لبعض قضاة تتعلق بالذمة المالية والأخطاء المهنية وضعف الكفاءة الثقافية واللغوية وفقدانهم لأبجديات القانون.
ونبه "أبو الخير" أن انهيار القضاء جاء بعد دخول ضباط الشرطة سلك القضاء وأصبح هناك قضاة كانوا ضباط شرطة، فمعظم الأحكام المنحرفة والمخالفة للقانون تخرج من قاضٍ كان ضابط شرطة مثل القاضي اسمه "محمود محجوب" صاحب حكم قضية وادي النطرون، حيث كان يعمل رئيسا لمحكمة جنح مستأنف الإسماعيلية.
ورصد "أبو الخير" دخول أبناء بعض القضاة في سلك القضاء بلا تقديرات ومنهم فاشلون واستمروا بالدراسة 8 سنوات فانهار القضاء.
وقال "الخبير القانوني" إنه فيما يسمى بـ"قضايا الإرهاب" وغيرها تم اختيار بعض قضاة معادين للتيار الإسلامي مثل "نبيل صليب" و"ووديع حنا"، واختير لنظرها من يعادون فكرة التطهير، مشيرا إلى أن هناك بعض قضاة يمارسون الانتقام من النظام الشرعي وعلى بعضهم علامات استفهام وقضايا تم التحقيق فيها.
وأوضح "أبو الخير" أن ما يسمى بـ"دوائر الإرهاب" كان الشرط لاختيار قضاتها السؤال من يعادون الإخوان" "ومن يريد أن يحكم على الإخوان" فهذا شرط انضمام عضو مستشار لدوائر الإرهاب هو معاداة الفكرة الإسلامية، وهذا المعيار قيل علنا.
إذن محاكم دوائر الإرهاب مصنفة والقاضي مسبقا لديه اتجاه مسبق تجاه المتهم قبل أن يجلس على المنصة، وله عقيدة مسبقة مما يستوجب رده، لأن المحكمة بذلك قد أفصحت عن نيتها قبل الاطلاع على أوراق الدعوى.
وأشار إلى أنه بذلك يعد الأساس القانوني لتشكيل دوائر "الإرهاب" غير مشروع وغير قانوني لأنه صنف قضاة مسبقا لمقاضاة فصيل سياسي بعينه، مما يبطل المحاكمة من أساسها حيث لا ضمانات بالتقاضي، حيث القاضي له اتجاه أيديولوجي معروف يحكم عليه، ومن ثم أصبح خصما وليس قاضيا، والمحاكمة بالتالي باطلة. فالمحكمة لا بد لها من الحيدة والنزاهة، فإذا كان القاضي خصما وحكما وأصبح هناك خصومة بين القاضي والمتهم فهنا تتوافر أسباب رد المحكمة.
وبناء عليه أكد "أبو الخير" أن كل الأحكام المتعلقة بقضايا الإرهاب على الإخوان ورافضي الانقلاب منعدمة قانونا لافتقادها أهم أركان ضمانات المحاكمة لأن المحكمة ليس بها استقلالية، ولأن القضاة خالفوا أبجديات قانون الإجراءات الجنائية ولا دفاع للمتهمين. وأن كل أفعال وإجراءات الانقلاب تتسم بعدم الاختصاص الجسيم، وتتسم بالبطلان بما فيها تشكيل دوائر الإرهاب، فهذه دوائر باطلة بطلانا مطلقا ومنعدما، لأنها قد صدر قرار بتشكيلها من غير مختص وهو المستشار نبيل صليب، أيضا النائب العام الحالي غير مختص، ومن عينه لا يملك سلطة تعيينه، وكل ما يصدر من وزارة العدل بحكومة الانقلاب من قرارات منعدمة قانونا وما بني على باطل فهو باطل.
وشبه "أبو الخير" "دوائر الإرهاب" المخصصة لمحاكمة الإخوان ورافضي الانقلاب -التي أسسها المستشار نبيل صليب- بـ"محاكم التفتيش" ونجد أيضا المستشار "وديع حنا" يرأس لجنة مصادرة أموال الإخوان، والمستشار أمير رمزي -وهو مستشار الكنيسة- عضو بأحد "دوائر الإرهاب".
ونبه لخطورة تحالف العسكر مع قطاع من القضاة وأحد أشكاله دور "محكمة الأمور المستعجلة" التي أصدرت حكم بمصادرة أموال الإخوان على الرغم من أن ذلك ليس من اختصاصها مصادرة أموال أحد، فالاختصاص الأصيل لها شيء فقط يستحيل تداركه بعد التنفيذ للحكم، أما بحالة الإخوان فلا توجد حالة الاستعجال، بل عقيدة تحارب، أيضا مصادرة أموال أحد هي عقوبة بالتبعية لحكم جنائي وليست عقوبة بذاتها مثل حكم رشوة بسجن يدفع مبلغ الرشوة وغرامة ضعف الرشوة. لذا نجد محاكم مصرية تحولت بعد الانقلاب لمحاكم تفتيش إسبانيا.
وحول مفهوم الإرهاب يرى "أبو الخير" أن "الإرهاب" لم يتم الاتفاق على تعريفه وكل خصم يطلق على خصمه وصف "إرهابي" للتنكيل به، والأحكام الصادرة ضد رافضي الانقلاب والنظام الشرعي ورموزه الكل يعلم أنها ليس لها علاقة بالإرهاب.
فمعلوم أن "محاكم دوائر الإرهاب" شكلت كأداة للضغط السيسي، ومعلوم وفقا للقانون أن هذه الأحكام الصادرة ضد قيادات الإخوان ورافضي الانقلاب وأحكام الإعدامات التي تتم بلا أي ضمانات قانونية هي لإجبارهم على الدخول في تفاوض وفيما يسمى بـ"خارطة الطريق" ولوقف التظاهرات، ولكن بعد مقاطعة الشعب لانتخابات "رئاسة الدم" أصبح الداخل والخارج وقوى دولية وإقليمية الآن تبحث عن بديل.
فدوائر الإرهاب باختصار هي لإرهاب الناس، والتهم الموجهة في قضاياها غير منطقية لأنها ليست محكمة بل أداة لإجبار الناس على ما لا ترضاه ولن ترضخ له وواضح استمرار التمسك بالشرعية.
ودشن العسكر بتحالفهم مع بعض القضاة أسوأ حقبة للقضاء في مصر، ووفقا للضمانات الدولية منظومة العدالة قد سقطت، والخارج والمنظمات الحقوقية تشكك في حجية الأحكام الصادرة بعد الانقلاب و"منظمة الحقوقيين الدوليين" و"منظمة العفو الدولية" لم تقبل هذه الأحكام، ووفقا لمبدأ التكامل يستطيع المصريون اللجوء للمحاكم الدولية وذلك متاح بحالة انهيار النظام القضائي أو عزوفه عن التطرق للقضية وهذا واقع.